لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله

يقول الله سبحانه وتعالى "قل هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور" "الرعد آية 16" "قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون" "الزمر آية 9" "أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى" "الرعد آية 19" "أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون" "السجدة آية 18". "أفلم يسيروا فى الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أم آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور" "الحج آية 46" أبعد هذه الأسئلة الدقيقة التى طرحها التنزيل العزيز على البشرية كافة مازال الناس يعيشون فى ظلمات لا يعلمون، خصوصا أن المتعمّق فى دلالاتها ينتفع بمعلومات ثابتة يشاهد آثارها على أرض الواقع.

ولا تجرّ المؤمنين العالمين أهل البصيرة إلى الجدل لقناعتهم بمضمون الآيات ويوجد فى القرآن الكثير من هذا ولكن عندما أجد ولو كان حديثا ضعيفا عن أبى أمامة "لست أخاف على أمتى غوغاء تقتلهم ولا عدوّا يجتاحهم ولكنى أخاف على أمتى أئمة مضلّين إن أطاعوهم فتنوهم وإن عصوهم قتلوهم".

ارتايت أن سبب حصول هذا يعود إلى سببين أساسيين الأول نقص علم الأئمة بالعلم الصحيح وجمودهم على القليل الذى حفظوه جعلهم يهوّلون الأمور والثانى أميّة الجاهلين وفزعهم وخوفهم من المعلومة الخاطئة التى قدمت لهم وهم لا يعلمون. أقول هذا من منطلق علمى ولن تستقيم الأمور إلا بسعة العلم وانتشار المعلومة الصحيحة التى تكون بعيدة كل البعد عن التهويل والتخويف والفزع. فالاسلام دين يسر وسماحة ورحمة واستقامة.

الظلمات والنور

فى القرآن تحليل ضاف عن الظلمات والليل، وعن النور والنهار فالظلمة، ذهاب النور وخلافه. وفى قوله تعالى "الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات" "البقرة آية 257" أى يخرج المؤمنين من ظلمات الضلالة إلى نور الهدى لأن أمر الضلالة مظلم غير بيّن.

أما غير المؤمنين فيخرجون من النور إلى الظلمات. والنور ضد الظلمة فهو الضياء وهو البيان والتبيين. ومن تراثنا ذخائر عن الليل والنهار فهذا حكيم من الحكماء الأوائل يقول "الليل فيه تحلم الأذهان، وتنقطع الأشغال، ويصح النظر وتؤلف الحكمة، وتدرّ الخواطر، ويتسع مجال القلب، والليل أضوأ فى مذاهب الفكر وأخفى لعمل البر، وأعون على صداقة السر وأصح لتلاوة الذكر، ومدبرو الأمور يختارون الليل على النهار، فيما لو تصف فيه الأناة لرياضة التدبير، وسياسة التقدير فى دفع الملم وإمضاء المهم" ومن أمثال العرب "الليل ستار العيوب".

وفى حوار بين الليل والنهار يقول الليل "أحمد من جعلنى خلوة للأحباب وخلوة لعرائس العرفان ونفائس الآداب، وخلقنى مثوى لراحة العباد، ومأوى لخاصة النساك والعباد..." فيجيبه النهار "أثنى على من جلّى ظلمة الحجاب وتحلّى له باسمه النور وتوّجه بسورة من الكتاب وزانه بأبهى سراج وهّاج، فأوضح بسناه السبيل والمنهاج. فيا ليل هب أنك تجمع المحب بالحبيب، إذا جار عليه الهوى وحار الطبيب فكم يقاسى منك فى هاجرة الهجر ويئن أنين الثكلى حتى مطلع الفجر" مضيفا "منذ استمدت الأصول من الفروع "وما أغنى الشموس عن الشموع" فبى تنجلى محاسن المظاهر الكونية وتتحلى بجواهر الأعراض اللونية، وأنّى يخفى حسنى وجمالى على مشاهد أو يفتقر فضلى وكمالى إلى شاهد" مضيفا "أما كفاك بيّنة وزادك ذكرى وتبصرة قول الله تعالى "فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة" "الاسراء آية 12". الحوار يطول وكلاهما يبرز محاسنه ويخفى مساوئه ويبرز مساوئ الآخر ويخفى محاسنه. ويختم الحوار بانتصار النهار على الليل. هى فى الحقيقة إشارات لتمييز الفرق الشاسع بين الباطن والظاهر والحق والباطل.

الأعمى والبصير

ضعف البصر لا يضر استنارة البصيرة قال جمال الدين الأفغانى "الأعمى من يظن جميع الناس دون أبصار" ويتوجه نزار قبانى إلى طه حسين قائلا "ما أنت بأعمى، أنت مبصر ببصيرتك" ويقول أبو العلاء المعرى "أنا أحمد الله على العمى كما يحمد غيرى على نعمة البصر". والله سبحانه وتعالى "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" "الأنعام آية 103".

قال أبو اسحق "أعلم الله أنه يدرك الأبصار، وفى هذا الاعلام دليل أن خلقه لا يدركون الأبصار أى لا يعرفون كيف حقيقة البصر وما الشيء الذى به صار الانسان يبصر من عينيه دون أن يبصر من غيرهما من سائر أعضائه فاعلم أن خلقا من خلقه لا يدرك المخلقون كنهه ولا يحيطون بعلمه فكيف به تعالى والأبصار لا تحيط به "وهو الطليف الخبير" "الأنعام آية 103" وقوله تعالى "قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها" "الأنعام آية 104" أى قد جاءكم القرآن الذى فيه البيان والبصائر فمن أبصر فلنفسه نفع ذلك ومن عمى فعليها ضرر ذلك. لأن الله عز وجل غنى عن خلقه.

وتفيد "أبصر" حسب ابن الأعرابى الخروج من الكفر إلى الايمان. والبصر نفاذ فى القلب، وبصر القلب نظره وخاطره. والبصيرة عقيدة القلب قال الليث "البصيرة اسم لما اعتقد فى القلب من الدين وتحقيق الأمر" وقيل "البصيرة الفطنة" فأبصروا ببصيرة الايمان.

العلم والجهل

العلماء يعقلون "وما يعقلها إلا العلماء" "العنكبوت آية 43" ويخشون الله "إنما يخشى الله من عباده العلماء" "فاطر آية 28" ومن الأقوال المروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم "خير الدنيا والآخرة مع العلم، وشر الدنيا والآخرة مع الجهل" قال على بن ابى طالب "ليس الجهل عارا، وإنما العار فى رفض تحصيل العلم والشر الوحيد هو الجهل" وقال "العلم خير من المال، لأن العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الانفاق فقيمة كل امرئ ما يحسنه، وإذا أرذل الله عبدا حضّر عليه العلم" لكن "من ترفّع بعلمه وضعه الله بعلمه". ومن حكم ابن المعتز "المتواضع من بين طلاّب العلم أكثرهم علما كما أن المكان المنخفض أكثر البقاع ماء"، وقيل للخليل بن أحمد "أيهما أفضل، العلم أم المال؟ قال: العلم قيل له: فما بال العلماء يزدحمون على أبواب الملوك، والملوك لا يزدحمون على أبواب العلماء؟ قال: ذلك لمعرفة العلماء بحق الملوك، وجهل الملوك بحق العلماء". فى المثل الانكليزى "العلم القليل شيء خطير" وهذه هى أسباب تخلّف العالم الاسلامي.

فالعلم نور والقرآن بصائر، والبصيرة عقيدة القلب وفطنة. فهل انتفعنا بهذا النور ببصيرة وعقل أم تواكلنا على مخلوقات الله ولم نتوكل على الله؟ احذروا العمى على الهدى لأن الله تعالى قال "وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون" "فصلت آية 17". ولهذا كان نهى الرسول عليه الصلاة والسلام واضحا حين قال "لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله" رواه أحمد عن داود بن أبى صالح.

نشكركم على التعاون الجميل معنا فى المنتدى

مشكوووووووور

جداااااااااا

نشكركم على التعاون معنا فى المنتدى

نشكركم على التعاون الجميل معنا فى المنتدى

مشكوووووووور

جداااااااااا

» لكل غافل عن الدين
» أصول الدين عند الشيعة
» سوال فى الدين لمعرف شى