من جوانب الهداية:

من جوانب الهداية:
حقوق العباد بعضهم على بعض :
الإنسان لا يعيش في هذا الكون وحده و لكن يعيش وسط غيره من البشر ، فهو بطبعه كائن اجتماعي، لذلك وجب على ذلك الإنسان أن يتعرف على كيفية التعامل مع المجتمع من حوله و أن يتعلم كيف يحسن علاقته بالمحيطين به : والديه، أسرته ، سكان حيه ، و مدينته ، و مع البشر جميعاً ..
و لهذا فقد أفاض القرآن و استفاض في شرح تلك النقطة و تفصيلها ، وأظهر كيف تكون تلك العلاقات ..
-(و بالوالدين إحساناً )
( ادفع بالتي هي أحسن السيئة )
( و آت ذا القربى حقه و المسكين و ابن السبيل)
( و عاشروهن بالمعروف )
( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم ناراً و سيصلون سعيراً)...

كذلك نجد القرآن يرغب و يحبب في كثير من المواضع في معنى سامٍ و قيمة عظيمة و هي( الإحسان) في التعامل مع الناس .
و الإحسان مرتبة عالية في التعامل .. لكي نتداركها علينا أن نعلم
أن المعاملات بين الناس لا تخرج عن ثلاثة أقسام :-
الظلم فهو : حرمان صاحب الحق من حقه .
و أما العدل فهو : إعطاؤه حقه بالضبط دون زيادة أو نقصان .
و أما الإحسان : فهو إعطاء صاحب الحق فوق الزيادة أي أكثر من الحق بكثير .

ظلم آخر ، ( العدل) هوأن يأخذ المظلوم حقه من الظالم ( و إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به )
أما الإحسان : فهو أن يترك المظلوم رد الإساءة على الظالم و ليس هذا
فحسب بل و يُسقط حقه فيعفو و يصفح عن الظالم لذلك نجد تتمة الآية
( و لئن صبرتم لهو خير للصابرين )...
و من أجل التأكيد على المعنى أكثر و أكثر تختتم نفس السورة بقوله تعالى إن الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون )... و هذا يوضح المقابل العظيم للإحسان و هو معية الله للمحسن .
و هكذا يدق القرآن على نفس الوتر ، الإحسان بين العباد .
( و الله يحب المحسنين )
( إن رحمة الله قريب من المحسنين )

لأن العباد إذا تعاملوا فيما بينهم بالإحسان لسادت المحبة و الألفة، و لعمت السكينة و الأمان و الطمأنينة، و لتحقق بين الناس مفهوم الجسد الواحد .
بالإحسان تتحسن علاقة الجار بجاره و الأخ بأخيه و الرئيس بمرؤوسه و الغني بالفقير و هكذا .
* و بجانب تركيز القرآن على موضوع الإحسان نجد التركيز على الكثير من السلوكيات و التعاملات بين العباد مثل الآداب الاجتماعية كآداب الاستئذان و غض البصر و حدود التعامل بين الرجال و النساء و التي تزخر بها سورة النور .
( و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن )
( ياءيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا و تسلموا على أهلها )
( يأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم و الذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات ....)
كذلك الكثير من السلوكيات التي وجه إليها القرآن في سورة الحجرات .
1- عدم السخرية و تسفيه الأشخاص : ( ياءيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منكم..)
2- عدم تتبع العورات:( و لا تجسسوا)
3- عدم اغتياب الغير :( و لا يغتب بعضكم بعضاً )
4- إشاعة التعارف و الروح الاجتماعية بين الناس ياءيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا )و لا نكون مبالغين إذا قلنا أن المجتمع المسلم إن طبق الآداب الموجودة بسورة النور و الحجرات لأصبح من أفضل و أرقى المجتمعات على وجه الأرض ..
و هذا يؤكد على أهمية أخذ تلك الجوانب مأخذ الجد ، و عدم قراءة السورتين لمجرد القراءة ، لأن من يقرأ السورتين لمجرد الاستزادة من الحسنات ، من يقرأ سورة الحجرات و يتلو ( و لا يغتب بعضكم بعضاً ) بينما هو يغتاب الناس ، ستأتي تلك الآية حجة عليه يوم القيامة ..
اللهم عافنا من ذلك ..

الجانب السابع : فقه الدعوة إلى الله ( لماذا لا يتبع الناس الحق ؟)
رغم أن الحق أبلج ،و رغم أنه قد تبين الرشد من الغي، و رغم أن من يقارن الإسلام بأي عقيدة أخرى فسيجد اختلافاً كبيراً ، إلا أن بعض الناس يحبون أن يعطوا الحق ظهورهم ، و يجادلون في بعض جزئيات الدين ( رغم أن الدين قد اكتمل ) و البعض الآخر قد يجادل في الأساسيات ، هذا بخلاف من ينكرون الدين بالكلية .
كبار كفار قريش و زعماؤهم كانوا يعلمون أن القرآن ليس شعراً ، و ليس تأليفاً ، بل و كانوا – من إعجابهم بنظمه و ألفاظه- يتسللون ليلاً لكي يسترقوا السمع فيسمعوه من رسول الله r ، و مع ذلك كانوا يصدون الناس عن ذلك الكتاب لعلمهم بأنه حق و أنه من عند الله ، و لخوفهم من تأثر الناس عند سماعه ..
بعض النساء يجادلن في الحجاب رغم معرفتهم و يقينهم بأنه فرض كالصلاة و الصيام فلماذا يحاولن الجدل مع معرفتهن بأنه حق ؟.

[size=16]
[size=16]
[size=16]

[size=16]يجيب القرآن عن هذا السؤال بكل سهولة و وضوح ، و يوضح لنا أن ابتعاد الناس عن الحق مردُّه أمران :
1- الجهل بالحق .
2- الهوى الموجود في القلب .
و أن الصنف الأول استجابته لدعوة الداعي أسهل لأن الجاهل بالشيء مجرد أن يعلم الحق ينتفي جهله به فيمتثل بسهولة و ينقاد .
و لهذا أقرَّ القرآن أن هذا الصنف – من يخطئ عن جهل – مهما أخطأ ثم استغفر الله و تاب إليه فإن الله يغفر له أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده و أصلح فإنه غفور رحيم )
أما الصنف الثاني ( أصحاب الهوى ) : فاستجابته للحق تكاد تكون لا أمل فيها ، لأن هؤلاء القوم يعلمون الحق جيداً و لكنهم لا يريدون اتباعه بسبب أهوائهم التي يعبدونها كحال كفار قريش تماماً ، فحين لم يوافق الحق أهواءهم لم يجدوا إلا أن يصفوه تارة بالشعر و تارة بالسحر و تارة بالجنون ....
و لقد أوضح القرآن أن من فقه الدعوة ألا يطيل الداعي في النصح لذلك الصنف الآخر بل يكتفي بإبلاغ دعوته و لا ينتظر سرعة الانقياد لأنهم صنف مكابر معاند أبعد ما يكون عن الانقياد و الطاعة .
( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم $ و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله $ إن الله لا يهدي القوم الظالمين )
و لذلك يذكِّر الله رسوله بأنه مجرد مبلغ ( إن عليك إلا البلاغ ) و أنه لا ينبغي أن يحزن كثيراً على حال هؤلاء المكذبين لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين )

[size=16] لماذا يثير أهل الباطل الشبهات ؟

[size=16]
[size=16]إنه أمر طبيعي .. شخص لا يريد إتباع الحق لهوى في نفسه .. ماذا سيفعل عندها و ماذا يملك غير التشهير بدعاة الحق ،أو إثارة الشبهات حولهم أو الانتقاص من قدرهم ..
( و قالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام و يمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيراً ) إذاً فأهل الباطل قد يثيرون الشبهات لعدة أسباب :
* هروباً من إتباع الحق .
و من ذلك عندما طلب كفار قريش من رسول الله أن يأتيهم بآية ، و أن يكون معه ملك يعينه ، أو أن يُلقى إليه كنز ... كانت كلها شبهات للتهرب من إتباع الحق ، لذا رد عليهم القرآن كالآتي :( تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار و يجعل لك قصوراً ) هنا طمأن الله رسوله أنه قادر على أن يعطيه كل ما طلبوه و زيادة و لكن سبب طلبهم ليس إلا حجة و تعللاً يوضحه القرآن قائلاً :( بل كذبوا بالساعة و أعتدنا لمن كذب بالساعة سعيراً ) هذا إذن سبب إطلاقهم للشبهات ...
و الدليل على أن متبعي الهدى يعرفون الحق جيداً أنهم يقرون في كلامهم – دون أن يشعروا – بأنه حق ، بدليل قولهم :( و قالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا)
ثم يرد القرآن على تلك الشبهة :( أولم نمكن لهم حرماً آمناً يجبى إليه ثمرات كل شيء $ رزقاً من لدنا )
و من أسباب التكذيب :
التهرب من اتباع الحق:
ما أعجب موقف بني إسرائيل حين قالوا فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا : لولا أوتي مثلما أوتي موسى )
لذلك يرد عليهم القرآن ( أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ؟$ قالوا سحران تظاهرا و قالوا إنا بكل كافرون )
و من أسباب اختلاق الشبهات : الطعن في البعث و ضرب لنا مثلاً و نسي خلقه قال من يحيي العظام و هي رميم )
الرد القرآني : ( قل يحييها الذي أنشأها أول مرة و هو بكل خلق عليم $ الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون $ أوليس الذي خلق السموات و الأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ؟ .. بلى و هو الخلاق العليم )
[size=16]الطعن في الرسالة ( القرآن ) :
( أم يقولون : افتراه) .. ( قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات $ و ادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين )
( و لقد نعلم أنهم يقولون إنم يعلمه بشر ) الرد على الشبهة
( لسان الذي يلحون إليه أعجمي $ و هذا لسان عربي مبين )
[/size]
[/size]
[/size]
[/size]
[/size]
[/size]
[/size]
[/size]

جزاكم الله خيرا

تقبل مرورى على موضوعك الممتاز

مشكورر دة موضوع هاايل

محمدغنيم

:103:
_________________